حمزة العطار
حمق،خيانة، انبطاح أو تواطؤ سمّهِ ما شئت ولك أن تسمي بألفاظ اقسى، العمل التخريبي المتهور الذي قامت به حكومة نواف سلام بطلب أو إذا صح التعبير بأوامر أميركية، إسرائيلية، ضاربة بعرض الحائط خطورة هكذا قرار ناهيك عن أهمية السلاح في هذه المرحلة، فما الذي يحصل ؟ والى أين يمكن أن تصل الأمور ؟
ذكرتُ فيما مضى أن الحاج عماد مغنية ردَ جواباً لأحد السائلين، ماذا ستفعلون اذا ذهب السيد حسن، ليجيبه الحاج عماد حينها، يكون قد ذهب العاقل الوحيد بيننا، حقيقة هذا المزاح حينها، أنه أصاب المقصد بالتحديد، ووصف حقيقة ربما يتلمسها اللبنانيون وغيرهم في أي وقت، لأن الحسابات اختلفت بعد رحيل السيد الشهيد، كإختلاف الاعتبارات وتبدل التهديد والخطر من اسرائيل وأميركا بالدرجة الاولى، لينضم إليهما بعض اللبنانيين وبعض العرب، ويتصرفون بعلم أو بجهل أن هذا الحزب قد انتهى وقد وجب الاجهاز عليه، ناسيين أو متناسين كيف كانت البداية وكيف كنا وأصبحنا، ويسيرون في بلد بطوائف متعددة نحو جحيم إن استمر سيحرق الجميع ولن يسلم من ناره أحد .
حقيقة القرار الحكومي رغم تفاهته وتسرع أو حمق أو غباء أو حقد من سوق له ومن اقره، فإنه ورغم ذلك، هو مساس بالقداسة التي لا مسامحة فيها، والسير في مشروع الدفاع عن القضية وعن السلاح وصولاً إلى أي خواتيم، كبرت أو صغرت .
منذ عام ١٩٨٢ وحتى اليوم، مرت عشرات محاولات الالتفاف على المقاومة ومحاولة تجريدها من نقطة القوة اللبنانية الوحيدة، حتى تصبح اسرائيل قادرة أن تفعل ما تشاء، ساعة تشاء، بمن تشاء، ويكون الشجب والاستنكار هو الرد الوحيد، إن قدروا على الاستنكار .
لن أناقش شرعية المقاومة وسلاحها، ولن ادخل في تفصيل الحكمة التي فقدت حول وجود حكومة تنزع ورقة القوة الوحيدة من يدها وتترك البلاد مسرحاً يفعل به الصهاينة ما يشاؤون، تلك أمور يأتي وقت للحديث فيها وتبيان الخائن والجبان وتسمية الأمور بأسمائها، إنما أناقش اليوم تبعات هكذا قرار وماذا يمكن أن ينتج عنه .
في البداية القرار تنقصه الميثاقية لإفتقاره حين الاقرار لأي مكون شيعي وهو مناقض للدستور اللبناني والميثاق الوطني وبالتالي ساقط دستورياً كأنه لم يكن .
المؤيدين للمقاومة وسلاحها هم كثر حتى من باقي الطوائف والمذاهب، مما يعني فقدانه للأغلبية وهو ما تفرزه التحركات التي لا تزال مضبوطة في معظم الاماكن .
الفكرة الرئيسية أن موضوع السلاح وتسليمه أو نزعه، بات موضوعاً ملحاً النظر فيه ومعالجته وفق أي حلول قد تفرض نفسها، ووفق العقل البشري، الذي يرفض تسليم اوراق القوة في وقت لا تزال فيه اسرائيل تنتهك السيادة وتعربد في الأجواء، ولا ترحم أي أحد من الاستهداف، لدرجة لم يسلم منها حتى جنود الجيش اللبناني الذين سقط منهم عدة شهداء بعد تفخيخ قامت به اسرائيل لأحد المنشآت في الجنوب .
النقاش طويل ونقاطه متشعبة، ونحتاج كثيراً من وقت ولقاءات صادقة لشرح الحاجة والهدف والكيفية لاستلام هذا السلاح، ولا تكفينا لحظة "مَرجلة" من أحدهم ودعم غربي اخر همومه ما التالي بعد هكذا قرار وما الذي يمكن أن يحصل في بلد أنكهته القلة والفقر والسرقات والاحتلال، وبالتالي وجب استعمال آخر الدواء وهو الكي، لدرء الخطر ومعالجة الندوب والجروح، الكي بطريقة عملية ومنطقية والتركيز على موضوع الاذية، لا تعميم المشكلة .
واقع الامر، لم يصدر من الثنائي الوطني أي قرار تصعيدي أو توجيه شعبي للقيام بأي تصعيد ولا تزال التحركات عبارة عن وجدان وعاطفة من محبين للمقاومة ونهجها وعارفين بحقيقة أن لا قدرة ولا إمكانية لرد العدوان الا بالمقاومة وسلاحها وقد خبروا الماضي وعرفوا أن الادانات والاستنكارات وقرارت مجلس الأمن لا تساوي فعل طلقة من مقاوم أو صاروخ أو عبوة، حققت المطلوب واكثر، واستمدوا من كلمة جمال عبد الناصر" ما أُخذ بالقوة، لا يسترد بغير القوة" دستور عمل نتيجة معرفتهم العميقة بهذا الكيان .
إذن التحركات التي تحصل اليوم والتصعيد لا يزال فرديا بكل المقاييس، دون تدخل تنظيمي من الثنائي أو توجيه لأي تحركات قادمة، لا يعني أن التحرك لن يحصل بمنهجية وتوجيه من التنظيمين للوصول إلى الخاتمة المرجوة، بل إن حسابات الثنائي، لا تحكمها العاطفة أو الانفعالات ويتم أي رد للفعل على هذا الأساس .
في الحقيقة أن المشكلة كبيرة والحمق الذي صدر، أياً كان سببه، هو شرارة نار حارقة للجميع وجب العمل لمحاولة استيعابها والتصرف بحكمة لا بغضب .
لن أزايد على قيادة الثنائي الحرص أو الاهتمام بالوطن، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب، فهم أهل الحكمة والدراية والتقدير، وسيكون هناك رد الفعل المناسب في الوقت المناسب، ولن تنتهي الأحداث دون تحديد، وبالسطور العريضة مشروعاً أو آلية عمل لما هو قادم، وكيف يجب التعامل مع هكذا مواضيع حساسة ومصيرية .
حتى الآن، الأمور مضبوطة، ويتم التنسيق بين قيادتي الثنائي على كل حدث مهما كبر أو صغر، للوصول إلى القرار السليم في الوقت المناسب، لان الأحداث لا تزال تتطور تصاعداً ولم تصل إلى ذروتها بعد .
الإشكالية لم تعد تتعلق بفئة أو مجموعة وحسب، بل باتت إشكالية محور يُعمَل على تفكيك ركن قوي ومهم من اركانه، وبالتالي راحت إشكالية السلاح تنتقل من زواريبها الداخلية الضيقة إلى الدولية الأوسع .
يقولون في مثل سابق" إذا ما صغرت ما بتكبر" والأمور تتجه نحو التصعيد يعني أنها ستكبر، حينها يتم الرد المنظم والمدورس الذي سيخرس بعض الداخل وبعض الخارج، ويحافظ على منهجية عمل لمقاومة ما بخلت يوماً بتقديم الغالي والنفيس، فداءً للوطن وحفاظاً على حدوده .
ترقبوا القادم القريب، الذي يحمل معه الخير الكثير لفئة لم تُعَوْدنا الا على الانتصارات والمفاجآت ورسم مسارات جديدة في الصراع مع الصهاينة .
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً بإذن الله .